بحثت في القرآن والسنة، وكذلك في التاريخ والواقع، عن طرق إدارة الشعوب، وقيادة الجموع، وسياسة المجتمعات الكبيرة، فوجدتها ثلاثة أنواع، كل نوع منها له خصائص معينة، تميزه عن غيره، وقد يجمع أحد أنظمة الحكم نوعين من الثلاثة، أو الثلاثة مجتمعين، لكن يظل يغلب عليه أحدهم، فتكون هي طريقة الإدارة الغالبة، وإدارة الشعوب تحتاج في المقام الأول إلى "قوة"، ولكن يختلف مصدر القوة حسب نوع الإدارة. أما النموذج الأول في إدارة الشعوب فهو نموذج الحكم الديكتاتوري، ويماثله في القرآن الكريم النموذج الفرعوني، وهو نموذج الفرد الواحد، أو الحزب الواحد، وإن كان أحيانًا يعطي الانطباع أنه يستمع إلى آراء الآخرين، ولا يكون هذا إلا لتجميل الصورة فقط، ولكن لسان حاله الواضح هو ما قاله فرعون لقومه: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر 29].. وهذا النموذج الفرعوني له آليات في السيطرة على الشعوب، وله طرق في قيادتها، فالشعوب - كما ذكرت - تحتاج إلى "قوة" في إدارتها، فمن أين يستمد الحاكم في هذا النموذج قوته؟! إنه يعتمد على آليات كثيرة منها ثلاث على وجه الخصوص، أما الآلية الأولى فهي آلية البطش والقهر والسلاح، وهذه ينفذها له رجال الجيش والشرطة والمخابرات، وأجهزة الأمن بشكل عام، فهي التي تمتلك السلاح، وتستطيع أن تدير وتقود الشعب الأعزل بهذه الإمكانيات القوية، والآلية الثانية هي آلية المال، وهذه ينفذها له رجال الاقتصاد، فيشتري الدكتاتور بأموالهم ضمائر الناس، ويُسكِّن بها بعض الآم الشعب، حتى يمكن أن يرضخوا له دون اعتراض أو مقاومة، فصار الحكم عن طريق الترهيب والترغيب، ومن لم يقبل المال القليل فالسيف هو البديل، وأما الآلية الثالثة فهي الإعلام، وهو الذي يزيف الحقائق للشعب، فيقنعه أنه يعيش في رخاء بينما هو في أشد حالات الضنك، ويصوِّر له حياة العدل التي تعم البلاد، بينما الظلم يستشري في كل أوصالها، وهو الذي يعظِّم من أمر الديكتاتور حتى يشعر الناس أن الخلاص من كل الأزمات يكمن في بقائه في الحكم، وأن أي محاولات تغيير له تعني الخراب والدمار للدولة، وبهذا فإن الإعلام يوفِّر للدولة طاقة الأمن، لأن مقاومة الشعب للبطش ستقل، ويوفِّر كذلك الأموال، لأن الشعب سيرضى بالفتات من الديكتاتور، فعلاوة بسيطة يصرفها الحاكم تكون كافية لتسكين آلام الجوع والمرض والجهل! هذا النظام الديكتاتوري إذن يستمد قوته من الأجهزة الأمنية والاقتصادية والإعلامية، ويساعدهم ولاشك بعض القضاة الفاسدين الذين يقومون بتمثيلية الفصل بين الناس على أساس القانون، ولكن الكل يعلم أنه ليس بالبلاد قانون أصلاً، إنما القانون هو سيف الحاكم وأمواله.. وإذا كان النظام الديكتاتوري يستمد قوته من الأجهزة الفاسدة فإنه لابد أن يرضيها تمامًا، فتراه يغدق عليها بالأموال الغزيرة جدًا، فتجد مرتبات هؤلاء المجرمين لا تتناسب مطلقًا مع مجهودهم، ولا تتناسب كذلك مع إمكانيات الدولة، ولكن ليس للحاكم حيلة في ذلك، فهو يعلم أن هؤلاء لو سقطوا لسقط معهم، فإن الشعب في معظمه يكرهه، ولا يقبل بوجوده إلا مضطرًا أو مخدوعًا بالإعلام الزائف. هذا هو النموذج الأول من نماذج إدارة الشعوب.. أما النموذج الثاني فهو النموذج الديموقراطي، ومثيله في القرآن الكريم ما أسميه بالنموذج البلقيسي، حيث قالت بلقيس لحكومتها الممثِّلة لشعبها:
وهي صادقة في هذا الطرح الذي تقدمه، وليست كفرعون الذي يقوم بتمثيلية شورى، ويصنع بعض الأحزاب الورقية التي تمثل رأيًا يبدو مغايرًا بغرض خداع الناس، لكن الأمر ليس كذلك في النموذج الديموقراطي السليم، ففلسفة النموذج الديموقراطي معتمدة على اختيار الشعب للشئ الذي يرضيه، ، وكذلك اختيار الحاكم الذي يسعده، فيجتمع الشعب في انتخابات نزيهة لاختيار مَنْ يمثله في الحكومة وفي مجالس الشعب وفي المحليات وفي غيرها، ويجتمع كذلك لاختيار الحاكم الذي يحكمه، ويجتمع ثالثة ليختار طريقة الحكم والقانون والدستور، وحسبما أراد الشعب فالمركب تتوجه.. في هذا النموذج الديموقراطي يستمد الحاكم قوته في الأساس من الشعب، نعم هو يحتاج إلى قوة أمنية واقتصادية وإعلامية كما يحتاج الديكتاتور، ولكن تبقى قوة الشعب هبي القوة الأساسية الداعمة لوجود الحاكم، ومن ثم فعلى الحاكم أن يُسخِّر قوى الأمن والاقتصاد والإعلام لإرضاء الشعب، فإذا رضي الشعب فإنه سيعيد انتخاب الزعيم أو حزبه، وإذا لم يرض الشعب فسيختار غيره.. ومن هنا فإن الحاكم الديموقراطي يصبح همَّه الأول والأخير هو "إرضاء الشعب".. ولكن كيف ترضى الشعوب؟! إنها ترضى بالرفاهية! فعامة الناس تؤثر متع الدنيا على أي شئ، فهي تريد الراحة في حياتها على الأرض في كل مجال.. تريد الطعام والشراب، وتريد البنزين والسولار، وتريد الكهرباء والماء، وتريد سيولة المرور ونظافة الشوارع، وتريد الأسعار المنخفضة ووفرة السلع التموينية.. إنها تريد باختصار كل متع الدنيا، والحاكم الذي يوفر لها متعة أكبر ستعطيه الفرصة لأن يحكمها من جديد.. ولابد للحاكم في هذا النموذج أن يُعظِّم دائمًا من قيمة شعبه، فيُكثِر الحديث عن "إرادة الشعب" وأهميتها، ويتكلم كثيرًا عن قيمة الشعب وعظمته، ويثني بشكل مطَّرد على اختيارات الشعب ورغباته، وهكذا، وهذا يضمن قيادة الشعب بالشكل الذي يكفل الراحة للجميع، حكامًا ومحكومين. أما النموذج الثالث في إدارة الشعوب فهو النموذج الإسلامي، وهو النموذج الذي مثَّله في القرآن الكريم الأنبياء والصالحون، فبعض الأنبياء أنشأوا دولاً، وكانوا حكامًا، مثل داود وسليمان عليهما السلام، ومثل يوسف عليه السلام، وكذلك موسى عليه السلام، وأخيرًا نبينا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك بعض الصالحين مثل ذي القرنين وطالوت رحمهما الله.. والفارق بين هذا النموذج والنموذجين السابقين واضح، فالهدف عند قائد الشعب في هذا النموذج هو تعبيد الناس لرب العالمين سبحانه وتعالى، وتوضيح مراد الله منهم، ومساعدة الشعب على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. هذا هو الهمُّ الأكبر عند الحاكم، والقضية الأخروية عنه أعلى آلاف المرات من القضية الدنيوية، وإن كان يعلم أن من أدواره الكبرى كذلك توفير الطعام والشراب والأمن لشعبه، لكن بفلسفة جديدة تمامًا.. والحاكم في النموذج الإسلامي يعي جيدًا قول الله عز وجل:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ويفهم مفهوم العبادة الشامل، ويدرك تمامًا أن هذه العبادة لابد أن تكون وفق مراد الله عز وجل، ويعلم أن دوره الأساسي في هذه المنصب هو مصارحة الشعب بحقيقة وجودنا على هذه الأرض.. إنه ليس وجود متعة وراحة، إنما وجود عبادة وطاعة لله، ومن أجل هذا سخَّر لنا سبحانه الكون بكامله. هذا النموذج الإسلامي لا يستمد الحاكم فيه قوته من أجهزة البطش والفساد والتزوير، أقصد أجهزة الأمن والمال والإعلام، ولايستمد قوته كذلك من "الإرادة الشعبية"، إنما يستمد قوته من "الله" عز وجل، وهذا في الرؤية الإسلامية أمر واقعي تمامًا، وهو لا يتنافى مطلقًا مع الأخذ بالأسباب، فالحاكم الذي يستمد قوته من "الله" له كذلك جيشه وشرطته، وله سوقه واقتصاده، وله إعلامه وصحفه، ولكن كل ذلك عنده مربوط بالشريعة، ومحفوظ بالقرآن الكريم والسُنَّة المطهرة، فلا يُقدِّم رغبة أنظمته الحاكمة على ما يريده الله عز وجل، ولا يقدم الإرادة الشعبية على إرادة رب العالمين، ومن ثم "فالشريعة" عنده مقدَّمة على "شرعية الشعب"، وحفظ الدين عنده أولى من حفظ النفس والمال وكل متاع الدنيا، قال تعالى:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46]. سيقولون: "الناس" لا ترضى بهذا الطرح، و"الشعب" يريد طعامًا وشرابًا قبل كل شئ، وهذا قد يفتن الحاكم المسلم فيسرع إلى إرضاء شعبه أكثر من إسراعه لتنفيذ شريعة ربه، وعندئذ تحدث الكارثة! ما هي الكارثة؟ الكارثة أن الحاكم الإسلامي في الأصل يستمد قوته من "الله" وليس من "الشعب"، فإذا قدَّم رغبات الشعب على شريعة رب العالمين لم يصل إليه التأييد الرباني بنفس المعدل الذي يصل للحكام الخالصين، والشعب كذلك لن يرضى، لأن الحاكم لا يحقق "كلَّ" رغباته، فيتذبذب الحاكم هنا بين "الله" و"شعبه"، وهذه هي الكارثة الكبرى. وحقيقة الأمر أن الفلسفة الإسلامية في الحكم تعتمد على أمر إيماني بحت، وقد لا يكون هذا الأمر مقنعًا لعامة الناس، ولكن أصحاب الإيمان العميق يفهمونه.. هذا الأمر متمثل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ"، فالحاكم الذي يجعل همَّه الأول هو إرضاء "الله" مهما قال "الناس"، ومهما سخر الساخرون، فإنه يحقق الحسنيين معًا! يرضى الله عنه، ويتولى الله عز وجل بنفسه ترضية الناس عنه، فيفتح قلوبهم لكلامه، ويقنعهم بالقليل، ويحببهم فيه، ويقمع أعداءه، ويكشف مخططاتهم الآثمة، وهكذا.. وفوق ذلك فإن الله بقدرته يرسل له البركة في كل شئ، فتأتي البركة في الغذاء والكساء، وفي الأمن وفي الشوارع، وفي حركة المرور، وفي رفاهية العيش بشكل عام.. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96]، وقال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 - 12]. عندما يجعل الحاكم الإسلامي همَّه الاكبر في أن يعود الناس إلى ربهم، فإن الأموال تزيد، والقوة تكبر، وستنتشر الجنات، وتشق الأنهار.. وعندما يكون الخطاب اليومي مهتمًا بالشريعة والدين فإن الله عز وجل سيتولى فتح قلوب الناس للحاكم، وسيقوم سبحانه بتوفير البركة في كل شئ.. وهذا ليس فيه تعارض مع الأسباب كما ذكرت.. فالحاكم الإسلامي له حكومته الكامل المتخصصة التي تعمل بكل جدية في كل مجال، ولكنها "تُعلِن" دومًا أنها تفعل ذلك لإرضاء الله في المقام الأول، وليس لإرضاء الشعب، مع أن إرضاء الشعب ورعايته وحمايته من الأهداف الرئيسة للحاكم المسلم، ولكنه لا يكون أبدًا على حساب إرضاء رب العالمين.. ولعل تفسير ذلك يتضح في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو عثرت دابة في العراق لخشيت أن يسألني الله: لما لم تمهد لها الطريق يا عمر"، فهذه المقولة توضِّح أن عمر يهتم بإرضاء الشعب وتيسير حياته، ولكنه يفعل ذلك لأجل الله عز وجل، و"يُعلِن" ذلك لشعبه؛ كي لا تختلط عند الحاكم أو الشعب النوايا والأهداف. وراجعوا خطوات إقامة الدولة في المدينة المنورة، لتتعرفوا أكثر على النموذج الإسلامي السليم، وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب شعبه، والمكَّون آنذاك من مسلمين من قبائل شتى، ومن مشركين وثنيين لا يدينون بالإسلام، ومن يهود يعيشون جنبًا إلى جنب مع المسلمين في وطن واحد.. راجعوا السيرة بعمق تتضح لكم رؤية المستقبل.. فهذه نماذج ثلاثة، والعجيب أن كلها ينجح في إدارة الشعوب!! نجح كثير من الدكتاتوريين أمثال فرعون والنمرود وجنكيزخان وماوتسي تونج في إدارة شعوبهم، نعم كرههم الكثير لكنهم استطاعوا في النهاية أن يقودوا شعوبهم، وكذلك فعل عامة حكام المسلمين - إلا قليلاً - في خلال المائتي سنة الماضية، وكذلك تفعل الأنظمة العسكرية في زماننا كذلك.. ونجح كذلك كثير من الديموقراطيين في إدارة شعوبهم، وأمثلة أميركا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوربية واستراليا واليابان هي أمثلة واضحة للجميع، وهي منتهى أحلام الليبراليين في بلادنا.. ونجح النموذج الإسلامي الخالص كذلك فيما قرأناه من قصص الأنبياء السابقين، وفي قصة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدون، وغيرهم من قادة الأمة الإسلامية في مراحل الدولة الإسلامية المختلفة عندما كانت الرؤية واضحة عند المجدديين.. إن كل هذه النماذج تنجح في الدنيا عندما تكون صريحة واضحة، ولا يحدث فيها الخلط عند الحاكم أو المحكوم.. فلابد للحاكم الدكتاتور أن يكون صريحًا مع شعبه في دكتاتوريته، ولا ينبغي له أن "يُطْمِعهم" في ديموقراطيته مثلاً، لأن هذا سيرفع سقف طموحاتهم عن الحقيقة، وهذه التمثيلية هي التي تودي بحياة المتسلطين من الحكام، إذ يتجرأ الشعب على فعل ثورة عليه! والحاكم الديموقراطي لابد أن يكون واضحًا كذلك في ديموقراطيته، فلا يعلن لشعبه أنه ديموقراطي ثم يرفض رأي الشعب في بعض القضايا بحجة أن دينه أو أخلاقه لا تسمح له! فإن هذا يتنافى مع مبدأ الديموقراطية الذي اختاره الشعب حاكمًا على أساسه، ومن ثم فالناس لا تقبل منه هذه الاستثناءات مهما كانت منطقية ومعقولة.. والحاكم الإسلامي لابد أن يكون صريحًا وواضحًا مع الشعب منذ اللحظة الأولى، ولابد أن يعلن للشعب أنه جاء ليقود الأمة إلى ما يرضي الله عز وجل، وبالتالي فهو لن يُقدِم على مخالفة شرعية حتى لو اجتمع الشعب على المخالفة، وإذا قبل الشعب هذا الطرح فإنه سينقاد بسلاسة لهذا الحاكم الإسلامي، بل سيعينه ويشجعه ويصبر معه، لأنهم في النهاية يتعاونون جميعًا لتحقيق العبادة السليمة على الأرض.. ويبقى أن نذكر أنه إذا كانت كل النماذج تنجح في الدنيا إذا كانت واضحة وصريحة وخالصة، فإن النموذج الإسلامي هو الوحيد الذي يضع في حساباته مسألة الآخرة، ولهذا فإن الذين يحرصون على نقاء صورتهم أمام الله يوم القيامة لا يصلح لهم إلا هذا النموذج الإسلامي الخالص، لأنه بدهي أن الله عندما يحاسبنا يوم القيامة سيفعل ذلك بمعايير القرآن والسُنَّة، ولن ينظر هنا إلى أهواء الحاكم المتسلط، أو أهواء الشعب الدنيوية، ولن تصلح هنا الحجج التي يفتريها الناس ليسوِّغوا لأنفسهم مخالفة الشريعة.. قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116، 117]، فمسوِّغات الربا وال*****ة وتعطيل الحدود وموالاة الأعداء وخذلان المسلمين وفرض المكوس وغيرها لن تكون مقنعة في هذا اليوم العظيم، وعلى الحاكم الإسلامي أن يَفْهَم ذلك جيدًا، وعليه كذلك أن يُفْهِم شعبه هذه الحقيقة، وعندها ستستقيم له ولشعبه الدنيا والآخرة.. وأسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين.