وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة -: مع اﻷسف الشديد أننا نجد أن الناس يهتمون بشراء اﻵﻻت البسيطة، فإذا أراد اﻹنسان أن يشتري جهازًا، فإنه ﻻ بد أن يقرأ الكتاب المصاحب له، ليعرف كيف يتعامل معه، وإذا أراد سيَّارة ﻻ بد أن يسأل عنها أكثر من شخص، وإذا أراد أن يقوم برحلة إلى مكانٍ من اﻷماكن، ﻻ بد أن يأخذ فكرة وافية عنه، وإذا أراد أن يُقيم في فندق من الفنادق، فكذلك أيضًا ﻻ بد أن يعرف اﻻمتيازات التي سوف يحصل عليها، إلى غير ذلك من اﻷمور التافهة، فنحن مع اﻷسف الشديد نهتم بهذه اﻷمور كلها، في حين أننا ﻻ نهتم بأعظم نعمة أنعم الله بها علينا، أﻻ وهي نعمة اﻷبناء.
ولذلك ندخل إلى عالم الحياة الزوجية، فيتزوج اﻹنسان، وﻻ يعرف أبسط حقوق الزوجة على زوجها، والعكس، ﻻ يعرفان أبسط الحقوق الزوجية المتبادلة بينهما، ثم بعد ذلك ﻻ تمر فترة بسيطة إﻻ وقد تحمل الزوجة، ثم بعد ذلك تُنجب، ويستقبلون هذه النعمة العظيمة، وهذا المولود الجديد، بغير أي خبرة أو معرفة، أكثر من الجهل الذي ورثوه من البيئة التي يُحيطون بها، وبذلك يُسيئون التعامل معه؛ مما يترتب عليه أننا أصبحنا أمة في ذيل اﻷمم.
الفارق بيننا وبين الدول المتقدمة يكمن في عامل واحد، هو عامل التربية، فهم يربون أبنائهم بطريقة مرسومة مُحددة، بخططٍ علميةٍ مدروسة، ولذلك النتائج أن أبنائهم - مع اﻷسف -، رغم أنهم ليسوا بأذكى من أبناء المسلمين، بل إن الثابت أن أبناء العرب على وجه الخصوص هم أذكى اﻷطفال في العالم، إﻻ أنه نتيجة التربية الخاطئة، ﻻ يستطيعون أن يحققوا من اﻹنجازات ما يُحققه أبناء الغرب، أو الشرق المتحضر، وهذا كله سببه مردود إلى التربية.
نحن نهتم باﻷشياء التافهة، ونأخذ فيها دورات، ونحاول أن نستفيد لها خبرات، في حين أن أعظم نعمة - وهي نعمة الولد -، ﻻ نحاول أن نقرأ ولو كُتيبًا بسيطًا عن كيفية التعامل مع هذا المخلوق الجديد، وكيف نجعله إنسانًا ناجحًا، وكيف نتعامل معه في حالة الغضب، وفي حالة الرضا، وفي حالة العسر، وفي حالة اليسر، وفي حالة الفرح، وفي حالة الحزن، وبذلك تخرج هذه الكائنات كائنات مُعاقة ذهنيًّا، قد يكون هو من اﻷقوياء بدنيًا، ولكن هو مُعاق ذهنيًا؛ نتيجة التربية الخاطئة، وفي النهاية عندما يريد أحد أن يمد يد المساعدة لهم، تكون النتيجة أنه ليس من حقكم أن تتدخلوا، ودعونا نربي أبنائنا بالطريقة التي نُريد.
عادةً معظم حياة اﻷسر الجديدة هذه مشكلتها مع اﻷسف الشديد؛ ﻷن الرجل شاب قوي، والزوجة شابة قوية، ويرون أن العنف، والتنكيل، والتبكيت، والضرب، واﻹهانة، هي أفضل وسيلة للتربية، وهذا خطأ فادح وقاتل فعﻼً.
وكﻼمك في محله، ولذلك أرى عدم اﻻستسﻼم؛ ﻷنهم يرتكبون جريمة حقيقة بحق ولدهم، وبالتالي بحق اﻷمة اﻹسﻼمية كلها عندما يخرج ولد مُعاق ذهنيا، وعصبيًا، ومتوتر، ويحمل كمًّا كبيرًا من اﻷمراض النفسية التي من الصعب عﻼجها في المستقبل.
أنصح - بارك الله فيك -: أن تتكلمي معهم، ولكن ليس في وقت الغضب، أو الضرب، وإنما حاولي أن تستغلي فرصة متاحة، وكم أتمنى أن تذهبي أنت إلى المكتبة، وأن تأتي بكتاب عن التربية من منظور إسﻼمي مبسط، تقدمينه هدية ﻷخيك أو لزوجة أخيك، وقولي لهم: (كم أتمنى أن تقرؤوا هذا الكتاب، لعلكم بذلك تسعدون وتُسعدون أبنائكم، وتتمكنون من حل هذه المُعضلة الصعبة، وتستطيعوا أن توفروا على أنفسكم هذا الجهد الكبير، وأن تحافظوا على جو المودة والمحبة بينكم وبين أبنائكم).*
وعليك بالدعاء أنت والوالدة، وأسأل الله تعالى أن يوفقكم لكل خير، وأن يعين أخيك وزوجته على تربية أبنائهما تربية طيبة.